وتجدر الإشارة إلى أن الناس " يختلفون في طباعهم وسلوكهم اختلافا كبيرا، فمن الحكمة في إرشادهم وتوجيههم، رعاية ما هو الأجدر بإصلاحهم من الترجي والتخويف فمنهم من يصلحه الرجاء، وهم العصاة النادمون على ما فرطوا في الآثام، فحاولوا التوبة إلى الله، بيد أنهم قنطوا من عفو الله وغفرانه، لفداحة جرائمهم، وكثرة سيئاتهم، فيعالج والحالة هذه قنوطهم بالرجاء بعظيم لطف الله، وسعة رحمته وغفرانه.
أما الذين يصلحهم الخوف: فهم المردة العصاة، المنغمسون في الآثام، والمغترون بالرجاء، فعلاجهم بالتخويف والزجر العنيف، بما يهددهم من العقاب الأليم، والعذاب المهين " (1).
وكان لأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) الذين سكن خوف الله تعالى في نفوسهم وانعكس على جوارحهم، وزرع رجاؤه في قلوبهم، أروع الأمثلة في هذا المجال، فروي عن أبي ذر (رحمه الله) أنه بكى من خشية الله حتى اشتكى بصره، فقيل له لو دعوت الله يشفي بصرك؟!، فقال: إني عن ذلك مشغول، وما هو أكبر همي. قالوا: وما شغلك عنه؟! قال: العظيمتان:
الجنة والنار (2).
من جانب آخر ينمي رواد هذه المدرسة الإلهية شعور الرجاء في النفوس، فمن وصايا أمير المؤمنين لابنه الإمام الحسن (عليهما السلام): (أي بني، لا تؤيس مذنبا، فكم من عاكف على ذنبه ختم له بخير، وكم من مقبل على عمل مفسد من آخر عمره، صائر إلى النار، نعوذ بالله منها) (3).