دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٨٣
لذلك وغيره، لا نجد ابن رشد في إيراده لهذه الآيات، إلا أنه كان يرى فيها إرشادا إلى حكم العقل بوجود الله وتنبيها إلى تلك الأدلة العقلية على ضرورة الإيمان به.
ولهذا نجده يصرح عند إيراده مثل هذه الآيات، بما يفيد ذلك، كقوله بعد إيراده لبعض الآيات المذكورة فهذه الآيات تتضمن التنبيه على موافقة أجزاء العالم لوجود الإنسان (1).
ج - دليل الحدوث:
ويمكن تقريب هذا الدليل على نحوين:
الأول: اننا إذا نظرنا إلى ما يحيط بنا في هذا الكون، وإلى أنفسنا، لوجدنا انه يتغير ويتبدل من حالة إلى أخرى، ومن شكل إلى آخر.
فالماء يتغير بفعل الحرارة إلى بخار، والبخار يتحول بفعل البرودة إلى ماء مرة أخرى.
والإنسان يكون نطفة، فيتحول إلى علقة، فإلى مضغة، فإلى عظام يكسوها لحم، فإلى شاب، فإلى رجل، فإلى كهل، ثم يموت فيتحول إلى تراب. وقس على هذا كل شئ في العالم.
فالعالم على هذا متغير، وتغيره دليل على حدوثه، لأن المتغير لا يعقل أن يتصف بالقدم، وإذا كان العالم حادثا، يجزم العقل بمجرد إدراك حدوثه بضرورة وجود محدث له.
ويمكن أن نصوغ هذا التقريب من الدليل، في صورة قياس منطقي، مؤلف من صغرى وكبرى ونتيجة، على الشكل التالي:

(1) الكشف عن مناهج الأدلة 196.
(٨٣)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»