دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٨١
بل نراه يصرح في نفس الكتاب المذكور بما أشرت إليه حيث يقول: فإننا إذا رأينا أجساما مادية، ثم رأيناه الحياة تحدث فيها، علمنا علم اليقين، أن هناك موجودا أوجدها، فلكل شئ سبب ولا شئ يحدث اتفاقا (1).
ولعله لهذا أيضا - أي لرجوع دليل الاختراع إلى الفطرة - يجعله ابن رشد - كما سبق وذكرت - أقرب الأدلة إلى مدارك الجمهور. وهو الذي يعبر عنه بدليل العوام في قبال دليل الصديقين.
ولكن لا بد من التنبيه، على أن ابن رشد، عندما يعرض هذا الدليل، يحاول أن يصوغه بأسلوب قياس منطقي، ليجعله أقرب إلى أساليب المعرفة اليقينية العقلية منه إلى أسلوب المعرفة الحسية الساذجة.
وجهة نظر:
وابن رشد، الذي ينسب إليه كل من دليلي العناية والاختراع، نراه يستشهد عند عرضه لهذين الدليلين، بآيات من القرآن الكريم.
فبالنسبة للدليل الأول، يدلل عليه بقوله تعالى: (ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا، وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا) (2).
وقوله تعالى: (تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا

(1) نفس المصدر.
(2) النبأ 6 - 16.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»