دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٧٩
عندما يلاحظ أحدنا كل ذلك يجزم ان لذلك الشيء صانعا صنعه ولذلك وافق شكله ووضعه وقدره تلك المنفعة، وانه لا يمكن أن تكون موافقة اجتماع تلك الأشياء لوجود المنفعة بالاتفاق (1) أي بالمصادفة.
ويمكننا، بناءا على ما عرضناه، أن نضع دليل العناية هذا، في صورة قياس منطقي كالتالي:
ان الكون بما فيه الإنسان، مجعول بنحو يتناسب وضعية وشكلا ومقدارا مع وجود الإنسان ومقتضيات بقاء الحياة واستقرارها.
وكل ما كان كذلك لا بد وأن يكون له صانع لاستحالة أن يحصل هذا التناسب والتناسق عن طريقة المصادفة.
فالكون بما فيه له صانع.
وقد جعل ابن رشد دليل العناية هذا، من أشرف الأدلة على وجود الله.
وجهة نظر:
والذي يبدو، ان هذا الدليل، هو ما يعبر عنه المناطقة بالدليل الإني وهو الاستدلال بوجود المعلول على وجود العلة، في قبال الدليل اللمي، وهو الاستدلال بوجود العلة على وجود المعلول، ولعله لهذا يقول ابن رشد فان الشريعة الخاصة بالحكماء، وهي الفحص عن جميع الموجودات، إذ كان الخالق لا يعبد بعبادة أشرف من معرفة مصنوعاته التي تؤدي إلى معرفة ذاته سبحانه على الحقيقة (2).

(1) الكشف عن مناهج الأدلة لابن رشد 164.
(2) تفسير ما بعد الطبيعة 1 / 10.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»