دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٧٨
ومقتضيات بقائه واستمراره على هذه الأرض، بل بقاء واستمرار الحياة بجميع أنواعها.
إذا ألقينا نظرة، على جميع ما يمكن الاطلاع عليه من هذا الكون، لظهرت أمام أعيننا العناية في أعضاء البدن، وأعضاء الحيوان، أعني كونها موافقة لحياته ووجوده (1).
فالشمس، مثلا، لو كانت أعظم جرما مما هي، أو أقرب مكانا، لهلكت أنواع النبات والحيوانات من شدة الحر، ولو كانت أصغر جرما أو أبعد لهلكت من شدة البرد. ولو لم يكن لها فلك مائل، لما كان هنا صيف ولا شتاء ولا ربيع ولا خريف. وهذه الأزمان ضرورية، في وجود أنواع النبات والحيوان، ولولا الحركة اليومية، لم يكن ليل ولا نهار (2).
وكذا نجد العناية هذه، بأوضح صورها في سائر الأجرام والكواكب، حيث تسير وفق نظام شمسي محدد لا تعدوه. ولو فرض أن جرما من هذه الأجرام، أو كوكبا من هذه الكواكب، قد انحرف عن خط سيره قيد شعرة أو أقل، أو توقف عن الحركة ولو لحظة، لانفرط عقد الكون بأكمله.
عندما يلاحظ أحدنا هذه العناية، ويلاحظ أن كل شئ مدرك له، إنما جعل بالشكل والمقدار اللذين يؤدي معهما غاية معينة، تتناسب مع مقتضيات استمرار هذا الإنسان، ومتطلبات وجوده. ووضعية تترتب عليها منفعة لهذا المخلوق.

(1) الكشف عن مناهج الأدلة لابن رشد / 150.
(2) تلخيص ما بعد الطبيعة لابن رشد / 160.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»