دراسات في العقيدة الإسلامية - محمد جعفر شمس الدين - الصفحة ٨٧
معنى الممكن: فالممكن عندهم هو ما كانت ماهيته قابلة للوجود والعدم أو هو بعبارة أوضح، ما تكون ماهيته في مرتبة وسط بين نقطتي الوجود والعدم.
معنى الواجب: وأما الواجب، فهو ما استحال انفكاك الوجود عنه، أو انفكاكه عن الوجود، لأن ماهيته الوجود نفسه، وهو العلة الأولى، التي يفتقر كل وجود إليها، في حين أن وجودها بذاته، من دون حاجة إلى أية علة.
وحاصل دليل الوجوب والإمكان هذا، على ضوء ما ذكرناه من معنى الممكن والواجب هو (أن الأمور التي تدخل في الوجود) لا تخلو بالقسمة العقلية من أن تكون إما واجبة، أو ممكنة.
ونحن، إذا نظرنا إلى العالم ككل، ونعني به كل ما عدا الله، لأدركنا استحالة أن يكون واجبا. لأنه حادث، يدل على حدوثه تغيره من حال إلى حال، ومن صفة إلى أخرى، والواجب ثابت لا يتغير.
ومعنى كونه حادثا، أنه وجد بعد أن لم يكن.
وإذا كان العالم حادثا - بكل مظاهره - ويستحيل أن يكون واجبا لذلك، تعين أن يكون قبل وجوده وتحققه ممكنا، وإلا لو كان ممتنعا لما وجد. وقد عرفنا أن الممكن، هو ما يستوي فيه طرفا الوجود والعدم.
وإذا كان الوجود والعدم متساويين بالنسبة إلى العالم قبل ترجح وجوده، وعرفنا استحالة ترجح أحد المتساويين على الآخر إلا بمرجح، جزم العقل بضرورة وجود مرجح رجح جانب الوجود في العالم على جانب العدم، وإلا
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 92 93 ... » »»