والفكرة الحلاجية هذه - كما ترى - متأثرة ومن غير ريب بفكرة الاتحاد المسيحي التي قال بها أكثر اليعاقبة، فقد زعم أكثر اليعقوبية أن المسيح جوهر واحد، أقنوم واحد، الا أنه من جوهرين.
وربما قالوا: طبيعة واحدة من طبيعتين.
فجوهر الإله القديم، وجوهر الانسان المحدث، تركبا تركيبا كما تركبت النفس والبدن فصارا جوهرا واحدا، أقنوما واحدا، وهو انسان كله وإله كله.
فيقال:
الانسان صار إلها، ولا ينعكس، فلا يقال: الإله صار إنسانا.
كالفحمة تطرح في النار فيقال: صارت الفحمة نارا، ولا يقال:
صارت النار فحمة.
وهي في الحقيقة لا نار مطلقة ولا فحمة مطلقة، بل هي جمرة (1).
وهذه هي الفكرة التي شجبها القرآن الكريم وكفر من قالوا بها، قال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا: ان الله هو المسيح ابن مريم) - المائدة 72 -.
نفي الحلول الحلول:
هو قيام موجود بموجود آخر على سبيل التبعية، وبشرط امتناع قيامه بذاته.
ومعنى قيد (على سبيل التبعية) أن تكون الصلة بين الحال والمحل صلة تبعية كالصلة بين الجسم ومكانه، أو بين العرض والجوهر.
وهو ما يعرف بالحلول الوضعي بمعنى أن يكون المحل موضعا للحال.
والمراد بقيد (بشرط امتناع قيامه بذاته) عدم استقلالية الحال. أي أن وجود الحال مرتبط بوجود المحل ارتباطا تبعيا كارتباط وجود العرض بوجود الجوهر.