وان لم يبقيا موجودين بأن انعدما معا، ووجد شئ ثالث غيرهما أيضا لا اتحاد هنا لان المعدوم لا يتحد بالمعدوم.
وإن انعدم أحدهما وبقي الآخر، فلا اتحاد بينهما أيضا لان المعدوم لا يتحد بالموجود.
أما الدليل على استحالة اثباته لغيره فكما يقرره الشيخ المفيد بقوله: ان الواجب لو اتحد بغيره لكان ذلك الغير إما واجبا أو ممكنا:
فإن كان واجبا لزم تعدد الواجب، وهو محال.
وإن كان ممكنا فالحاصل بعد الاتحاد إن كان واجبا صار الممكن واجبا، وإن كان ممكنا صار الواجب ممكنا، وكلاهما خلاف المفروض، وباطل.
فثبت بطلان اتحاد الباري بغيره (1).
ولأننا نعلم أن للتصوف لغته الخاصة التي تسمى ب (الإشارات) تدور في محاورات الصوفية شفهيا وتحريريا.
وفحوى هذه اللغة: انهم لا يريدون بالألفاظ الخاصة التي يستعملونها مداليلها اللغوية أو ظواهرها الاستعمالية، وانما يرمزون بها إلى معان خاصة ذات مدلولات خاصة قد تعارفوا وتواضعوا عليها.
لا نقوى على اتهامهم بالقول بالاتحاد الباطل الا إذا لمسناه واضحا في لغتهم وببيانهم.
وممن احتاط في المسألة الفاضل المقداد، قال: فان عنوا غير ما ذكرناه فلا بد من تصوره أولا ثم يحكم عليهم، وان عنوا ما ذكرناه فهو باطل قطعا (2).
والذي يظهر من تصريحات بعضهم: انهم لا يعنون بالفناء الاتحاد المحال.