إلى غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الجنب والساق والعين والوجه.
قيل له: ان أول ما ينبغي أن تعلمه أنه لاحق بعد أن تتقدم للانسان معرفة الله تعالى، ويعلم انه لا يشبه الأجسام ولا يفعل القبائح، فالاحتجاج به في نصرة الجسمية لا يجوز.
يبين هذا أنه لو كان جسما فالحاجة تجوز عليه، ومن هذا حاله لا يعلم أن قوله حق، فكيف يحتج بكلامه!.
على أنه قد ثبت بالقرآن والاجماع أنه (ليس كمثله شئ). ولا يقول أحد إنا نقول هذا القول على جهة المجاز، فيجب أن نتأول ما ذكر من الآية:
فتأويل قوله تعالى: (استوى على العرش) - الرعد 2 - انه استولى واقتدر وملك.
ولم يرد تعالى بذلك انه تمكن على العرش جالسا، وهذا كما يقال في اللغة (استوى البلد للأمير) و (استوت هذه المملكة لفلان)، وقال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق فلم يرد جلوسه، وان أراد استيلاءه واستعلاءه.
ولولا أن الأمر كما قلنا لم يكن ذلك تمدحا عظيما، لأن كلا يصح أن يجلس على سريره وعلى مكانه.
وإنما خص العرش بالذكر لأنه أعظم خلقه، فنبه به على أنه على غيره أشد اقتدارا، كما قال: (رب العرش العظيم) التوبة 129 -، ونبه بذلك على أنه أن يكون ربا لغيره أولى.
وتأويل قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) الملك 16 - ان في السماء نقماته وضروب عقابه، لأن عادته أن ينزلها من هناك، ولهذا قال: (أن يخسف بكم الأرض) فنبه به على ذلك.