خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٧٤
والى هذا قصد قوله تعالى (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) آل عمران 119 -.
فعندما تقول الآية: (لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم)، تقول:
إن فعلكم القتل إذا قورن بقتل الله لهم بواسطة الملائكة والتأييد بالنصر يكون فعلكم كأنه لا فعل بمقايسته بفعل الله تعالى.
فاذن هناك قتل من الله وقتل من المسلمين، وليس نفيا لقتل المسلمين ونسبته لله تعالى، وإنما هي مقارنة بين الفعلين.
أما الرمي بالحصى من قبل الرسول فإنه من المعجز الذي جرى على يد الرسول.
والمعجز لا يكون الا من الله تعالى.
فالمراد به أن الرمي الحاصل من الرسول لم يكن بتأثير فعل الرسول وان هو بتأثير فعل الله تعالى لأنه على نحو الاعجاز.
فلم يكن هناك فعلان نفي أحدهما وأثبت الآخر، وإنما هو فعل واحد، وهو فعل الله تعالى، ولأنه معجزة للرسول اجراه الله تعالى على يديه.
فليس في الآية نفي لفعل الانسان ونسبته إلى الله تعالى.
ومن هنا ينبغي أن يعلم أن النصوص القرآنية لا تدرك حق ادراكها بالتعامل مع مدلولاتها البيانية واللغوية فحسب.
إنما تدرك أولا وقبل كل شئ بالحياة في جوها التاريخي والحركي وفي واقعيتها الايجابية وتعاملها مع الواقع الحي.
وهي - وان كانت أبعد مدى وأبقى اثرا من الواقع التاريخي الذي جاءت تواجهه - لا تنكشف عن هذا المدى البعيد الا في ضوء ذلك الواقع التاريخي (1).
3 - اعتماد العموم في آيات الخلق، مثل قوله تعالى:

(١) في ظلال القرآن.
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»