خلاصة علم الكلام - الدكتور عبد الهادي الفضيلي - الصفحة ١٧٢
فان اقتران الآية موضوع البحث بالآية التي قبلها دليل على أن المراد بقوله تعالى (وما تعملون) الأصنام التي ينحتونها ويعبدونها.
والمقصود بخلق الله تعالى للأصنام هو خلق المادة التي تصنع منها كالحجر وأمثاله.
أما تجسيم المادة على شكل صنم فهو من صنع الانسان من غير شك، ويدل عليه قوله (ما تنحتون) حيث أسند النحت وهو خلق الصنم إليهم أي إلى الانسان.
وهو من أسلوب القرآن الكريم في مثله، ومنه: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات) - سبأ 13 - (واصنع الفلك) - هود 13 (أن اعمل سابغات) - سبأ 11 فان مادة هذه الأشياء المذكورة في الآيات الكريمات هي من خلق الله تعالى، وتجسيمها على شكل محاريب وتماثيل وجفان وقدور وفلك ودروع هي من خلق الانسان وعمله وصنعه.
وعليه لا دلالة فيها على أن الله تعالى خالق لفعل الانسان.
وكما في قوله تعالى: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ان الله سميع عليم) - الأنفال 17 -.
ذلك أن الآية الكريمة نزلت في مناسبة وقعة بدر، تلك الوقعة التي لم تكن فيها القوى الحربية متكافئة بين المسلمين والمشركين:
فعدد المسلمين 313 وعدد المشركين 950 وافراس المسلمين 3 وافراس المشركين 100 وإبل المسلمين 70 وإبل المشركين 700 فالمسلمون قلة في العدد والعدة والمشركون كثرة في العدد والعدد وهكذا حالة
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»