وسوف لا يكون العوام وحدهم ضحية هذه الخطيئة، بل العلماء أيضا، حين يقفون علومهم على هذه المصادر دون محاكمة وتمحيص.
والسؤال:
كيف اجتازت عيون التاريخ الإسلامي تلك الأجواء والمؤثرات لتحفظ لنا حقائقه؟
لا شك أن الوقوف على المشاهد الحية لإثبات حقيقة ما هو أهم بكثير من البحوث النظرية والبراهين الفلسفية.
وهذا ما سنكتفي به هنا.
مشاهد حية المشهد الأول قال الزبير بن بكار: قدم سليمان بن عبد الملك إلى مكة حاجا سنة 82 ه فأمر أبان بن عثمان أن يكتب له سير النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومغازيه. فقال له أبان: هي عندي قد أخذتها مصححة ممن أثق به.
فأمر سليمان عشرة من الكتاب بنسخها، فكتبوها في رق، فلما صارت إليه نظر فإذا فيها ذكر الأنصار في العقبتين وفي بدر، فقال: ما كنت أرى لهؤلاء القوم هذا الفضل، فإما أن يكون أهل بيتي غمطوا عليهم حقهم، وإما أن يكونوا ليس كذلك!
فقال له أبان: أيها الأمير، لا يمنعنا ما صنعوا أن نقول بالحق، هم على ما وصفنا لك في كتابنا هذا.
فقال سليمان: ما حاجتي إلى أن أنسخ ذاك حتى أذكره لأمير المؤمنين لعله يخالفه. ثم أمر بالكتاب فخرق، ورجع فأخبر أباه عبد الملك بن