فقال ابن عباس: إذا كان عندك يا أمير المؤمنين معلوما، فلم أذنت لهما؟ هلا حبستهما، وأوثقتهما بالحديد وكفيت المؤمنين شرهما؟
فقال الإمام متعجبا: " يا بن عباس، أتأمرني بالظلم ابتداء؟
وبالسيئة قبل الحسنة؟ وأعاقب على الظنة والتهمة؟ وآخذ بالفعل قبل كونه؟ كلا والله، لا عدلت عما أخذ الله علي من الحكم والعدل.
يا بن عباس! إنني أذنت لهما وأعرف ما يكون منهما، ولكني استظهرت بالله عليهما، والله لأقتلنهما ولأخيبن ظنهما، ولا يلقيان من الأمر مناهما، وإن الله يأخذهما بظلمهما لي، ونكثهما بيعتي، وبغيهما علي ".
ثم خرج الرجلان من المدينة متوجهين إلى مكة، فوجدا بني أمية قد أحاطوا بعائشة، ولحق بها جماعة من منافقي قريش، ولحق بها عبد الله بن عمر بن الخطاب وأخوه عبيد الله، ومروان بن الحكم، وأولاد عثمان، وعبيدة وخاصته من بني أمية، وجعلوا عائشة ملجأ لهم فيما دبروه من كيد للإمام (عليه السلام)، وصار كل من يبغض عليا، أو يكرهه، أو يحسده، أو يخاف منه