أقول: من خالف عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد شاق الرسول من بعدما تبين له الهدى، واتبع غير سبيل المؤمنين بالله ورسوله، لتوصيته صلى الله عليه وآله وسلم أمته بعد رحلته بقوله المتواتر نقله: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما.
وقال فيها أيضا:
ولو كان هذا الأصل - أعني قولهم: ما خالف العامة، أي أهل السنة - فيه الرشاد، لو كان هذا من عند الأئمة - كما تزعم هذه الزمرة - لكان الأئمة أسبق الناس إلى تطبيقه على أنفسهم. والواقع الذي يوافقنا شيوخ الشيعة عليه أن عليا عليه السلام لم يشذ عن الصحابة، بل إنه كما يقول شيخهم الشريف المرتضى: دخل في آرائهم، وصلى مقتديا بهم، وأخذ عطيتهم، ونكح سبيهم وأنكحهم، ودخل في الشورى... روى البخاري عن علي رضيالله عنه قال:
إقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة.
أقول: حديث صحيح البخاري المنقول في المتن يدل على كراهية علي عليه السلام للاختلاف، وما نقله عن الشريف المرتضى قدس سره يدل على موافقة علي عليه السلام معهم في مقام العمل، وأما مقام العلم وتشخيص الحق فمنبعه علي عليه السلام، وهو باب علم الرسول، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال: علي مع الحق والحق مع علي.
وكانت موافقته معهم في مقام العمل لأجل التحرز عن الاختلاف، وهو المسمى في أحاديثنا بالتقية، نعم! التقية من أصول الامامية، وقد أكد الأئمة المعصومون عليهم السلام على العمل بها للتحرز عن المخاطرات الناشئة عن مخالفتهم، لأجل الحفاظ على الوحدة بين المسلمين.