من بني إسماعيل عليه السلام في غير أن نجب له بذلك على غيرهم من عرب الناس ولا أعاجمهم، تباعة ولا طاعة، بخروج له عن ملة، ولا دخول معه في ملة، إلا الإقرار له بالنبوة والرسالة إلى أعيان قومه ودينه.
قال حارثة: وبم شهدتما بما شهدتما له بالنبوة والأمر؟
قالا: حيث جاءتنا فيه البينة من تباشير الأناجيل والكتب الخالية.
فقال: منذ وجب هذا لمحمد - صلى الله عليه وآله - عليكما في طويل الكلام وقصيره، وبدئه وعوده، فمن أين زعمتما أنه ليس بالوارث الحاشر، ولا المرسل إلى كافة البشر ؟
قالا: لقد علمت وعلمنا، فما نمتري بأن حجة الله عز وجل لم ينته أمرها، وأنها كلمة الله جارية في الأعقاب ما اعتقب الليل والنهار، وما بقي من الناس شخصان، وقد ظننا من قبل أن محمد ربها، وأنه القائد بزمامها، فلما أعقمه الله عز وجل بمهلك الذكورة من ولده علمنا أنه ليس به، لأن محمدا أبتر، وحجة الله عز وجل الباقية، ونبيه الخاتم بشهادة كتب الله عز وجل المنزلة ليس بأبتر، فإذن هو نبي يأتي ويخلد بعد محمد، اشتق اسمه من اسم محمد وهو أحمد الذي نبأ المسيح باسمه وبنبوته ورسالته الخاتمة، ويملك ابنه القاهر الجامعة للناس جميعا على ناموس الله عز وجل الأعظم، ليس بمظهرة دينه، ولكنه من ذريته وعقبه، يملك قرى الأرض وما بينهما، من لوب وسهل وصخر وبحر، ملكا مورثا موطأ، وهذا نبأ أحاطت سفرة الأناجيل به علما، وقد أوسعناك بهذا القيل سمعا وعدنا لك به آنفة بعد سالفة، فما أربك إلى تكراره؟!
قال حارثة: قد أعلم أنا وإياكما في رجع من القول منذ ثلاث وما ذاك إلا ليذكر ناس ، ويرجع فارط، وتظهر لنا الكلم، وذكرتما نبيين يبعثان