أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيا فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذا جئتهم بالبينات) (1)، ومثل هذا التأكيد يؤكد أن عملية التفويض المشار إليها في حديث الغلاة مناقضة للمفهوم القرآني، فلا القرآن يعطي لرسول استثناءات خالقية، ولا هو يجعل إرادته الإعجازية بمعزل عن إرادة الله بل يجعلها مرهونة بإرادة الله.
على أن من الواضح أن حديث الغلاة يجرنا إلى مطبات الإشراك بالله وثلم شمولية التوحيد الإلهي، وهذا ما لا يقر به عاقل، فضلا عن مسلم.
وليس حديث المنكرين بأعسر في الرد من حديث الغلاة، فلو كان التفويض بمعنى عزل قدرة الله عن قدرة أنبيائه ورسله وأوليائه، فهذا ما لم يقل به أحد من الإمامية، وكيف يقال عنهم ذلك وهم من عرفوا بأنهم أصحاب مبدأ: (لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين)، ولهذا لا ينقضي العجب حينما تسمع من يردد