البيت (عليهم السلام) وشيعتهم أعنف الرزايا وأكثرها محنة وصعوبة، فسفكت دماؤهم وانتهكت حرماتهم وهدرت كرامتهم، بما لا مجال لوصفه وبيانه.
وقد ذكر المؤرخون أن في عهد موسى الهادي حدثت واقعة فخ التي ضارعت حادثة الطف في كيفيتها وأسماء أشخاصها، وبعض آثارها، وما جرى فيها.
وأما عهد الرشيد فكان أسوء عهد مر على العلويين والشيعة، فقد قابلهم منذ بداية حكمه بكل قسوة وجفاء، وصب عليهم جام غضبه، وأقسم على استئصالهم وقتلهم، فقال: والله لأقتلنهم - أي العلويين - ولأقتلن شيعتهم (1).
وأمعن الرشيد في التنكيل بالعلويين وشيعتهم، وذكرت المصادر أنه كان يتتبعهم بشتى الوسائل، ويحتال لقتلهم بمختلف الطرق، وكان يرى أن بقاء ملكه وسلطانه لا يستقر إلا بإبادتهم.
لقد كان الرشيد شديد الوطأة على عترة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكانوا على علم بمقته وبغضه لهم، فحينما علموا بخلافته هاموا على وجوههم في القرى والأرياف متنكرين لئلا يعرفهم أحد، قد أحاط بهم الرعب والفزع، واستولى عليهم الخوف والإرهاب، وكان في طليعة من لقي العناء من أهل البيت (عليهم السلام) الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقد فرض الرشيد عليه رقابة صارمة، ترصد عليه تحركاته وسكناته، حتى ثقل عليه وضاق