التشيع من رئي التسنن - السيد محمد رضا المدرسي اليزدي - الصفحة ٧٨
* سنن أبي داود، كتاب المهدي عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة; (1) * المعجم الأوسط للطبراني، ج 1، ص 56 عن علي بن أبي طالب، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أمنا المهدي أم من غيرنا، يا رسول الله؟ قال: بل منا، بنا يختم الله كما بنا فتح...; (2)
١. الرقم ٣٧٣٥، سنن ابن ماجة، دار الفكر، كتاب الفتن، ج ٢، ص ١٣٦٨ رقم ٤٠٧٦ (ترقيم العالمية).
٢ - أما الحديث " لا مهدي الا عيسى " فقد رده كبار علماء العامة وصرحوا بخلافه. فقد ورد في " عون المعبود في شرح سنن أبي داود " (ج ١١، ص ٢٤٤): والحديث ضعفه البيهقي والحاكم وفيه أبان بن صالح وهو متروك. وذكر هذه العبارة في " تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي " (ج ٦، ص ٤٠٢) و " ابن حجر " في " فتح البارئ " (ج ٦، ص ٣٥٨): قال أبو الحسن الخسعي الأبدي في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار بان المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه; ذكر ذلك ردا للحديث الذي أخرجه ابن ماجة عن أنس وفيه: " ولا مهدي الا عيسى " وكذلك الحديث " اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي " الذي ورد في " صحيح أبي داود ".
فان جميع طرقه تنتهي إلى " عاصم بن بهدلة " الذي حاول البعض توثيقه، غير ان جماعة من علماء الرجال قالوا بكثرة خطأه، اضطرابه في نقل الحديث، عدم وثاقته، عدم كونه حافظا، سوء حفظه، عدم معرفته بالحديث واشتهاره بالخلط (انظر تهذيب التهذيب) ولذلك قال الهيثمي صراحة في " مجمع الزوائد " (ج ٦، ص ٣٢٧): ضعفه جماعة.
وكذلك ما رواه أبو داود في سننه (دار احياء السنة النبوية، ج ٤، ص ١٠٨، ش ٤٢٩٠) في " كتاب المهدي " ان عليا (عليه السلام) نظر إلى الحسن وقال ما مضمونه " المهدي في صلبه "، وبغض النظر عن سند الرواية فانه قد حصل تحريف حيث الأصل " الحسين ". بدليل روايتها من السيد بن طاوس في الطرائف (نشر الخيام، ص ١٧٧) و " ابن البطريق " في " العمدة " (نشر مؤسسة النشر الاسلامي ص ٤٣٤) عن كتاب " الجمع بين الصحاح الستة " تاليف " رزين العبدري " عن أبي إسحاق - راوي الحديث -: " قال علي (عليه السلام) ونظر إلى ابنه الحسين... يخرج من صلبه رجل... " وهناك عدة روايات صرحت بان المهدي (عليه السلام) من صلبالحسين (عليه السلام)، ومنها ما رواه " القندوزي الحنفي " في ينابيع المودة (ج ٣، ص ٣٩٤) عن الدار قطني في كتاب " الجرح والتعديل " عن أبي سعيد الخدري: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)مرض مرضة ثقيلة فدخلت عليه فاطمة وأنا جالس عنده، ولما رأت ما به من الضعف خنقتها العبرة... وهو أن ضرب على منكب الحسين وقال: من هذا مهدي هذه الأمة سلام الله عليهم. أضف إلى ذلك ان الرواية مخدوشة من حيث السند لانه: أولا: قال أبو داود " حدثت عن هارون بن المغيرة " ولا يعلم هنا من هو الذي نقل الحديث عن " هارون بن المغيرة " إلى " أبي داود "، وعليه فالحديث معلق.
ثانيا: قال " السلماني " بشأن " هارون بن المغيرة بن الحكيم ": فيه نظر، وقال " ابن حبان ": " ربما أخطأ " (راجع تهذيب التهذيب، دار صادر، طبعة حيدر آباد، ج ١١، ص ١٢).
ثالثا: ورد في سند الرواية اسم " عمر وبن قيس " بعد " هارون بن المغيرة " الذي قال فيه " أبو عبيد الآجري " عن " أبي داود ": في حديثه خطأ (تهذيب الكمال، الرسالة، ج ٢٢، ص ٢٠٥، ش ٤٤٣٧) وصرح الذهبي في " ميزان الاعتدال " قائلا: له أوهام (دار المعرفة، ج ٣، ص ٢٨٥، ش ٦٦٦٩) وقال السليماني: فيه نظر (تهذيب التهذيب، دار الفكر، ج ١١ وص ١٢) ونخلص من هذا إلى شذوذ ما أورده " عظيم آبادي " في عون المعبود في شرح سنن أبي داود بعنوان الجمع بين الأدلة، وذلك لانه:
أولا: إنما يكون الجمع إذا ثبتت دليلية جميع الأدلة. والحال تبين بعد دراسة الحديث الذي أورده " أبو إسحاق " في " صحيح أبي داود " والنسخ الفعلية، انه مخدوش من عدة جهات وليس هناك أي دليل آخر يشير لذلك المعنى ثانيا: لقد صرحت أغلب الروايات بأن المهدي (عليه السلام) من صلب الامام الحسين بل صرحت على انه التاسع من ولده، وهذا لا ينسجم مع وجه الجمع الذي أورده في عون المعبود. ويحتمل ان الروايتين لأبي داود، أي رواية " يواطئ اسم أبيه اسم أبي " والذي يظهر منها ان اسم أبي المهدي هو عبد الله والرواية الأخرى " المهدي من ولد الامام الحسن (عليه السلام) " إنما وضعهما بعض اتباع " محمد بن عبد الله بن الحسن " المعروف ب " النفس الزكية " الذي بايعه عدة من الناس حتى " المنصور الدوانيقي " قبل استقرار خلافة بنى العباس ولقبوه بالمهدي، وان صرح المحدث القمي في منتهى الآمال، أن " ابا الفرج " و " السيد بن طاوس " نقلا عدة أخبار تفيد انكار عبد الله المحض - والد محمد النفس الزكية - و عائلته ان يكون محمد النفس الزكية هو المهدي الموعود، وكانوا يصرحون بأن: المهدى الموعود غيره (راجع: منتهى الآمال، ذكر مقتلمحمد بن عبد الله) وكذا الرواية الموضوعة " لا مهدي الا عيسى " لعلها رد فعل مخالفيهم وأمثال هذه تكشف عن عمق التحريف الناشئ من عدم الورع والتقوى الذي أدى إلى وقوع الفتن والمصائب.