فإن قيل: أن الأئمة والأولياء إنما هم شهداء والشهداء أحياء ويشفعون أوليائهم! نقول: نعم والله، إنهم لأحياء وإنهم لأهل للشفاعة، ولكنهم أحياء عند ربهم وليس عندنا، هم في جنات الخلد وليسوا بين ظهرانينا. لا يستطيعون سماعي وسماعكم وسماع هذا أو ذاك! لأن هذه من صفات الله جل وعلا وهو الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة السائلون، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد. ولم يبلغنا أن الله تعالى مكن الأنبياء والأولياء بعد أن أسكنهم جناته من سماع نداء المستغيثين، ولا أنه قد منحهم بعضا من صفاته!
لا جرم ولا جدال أنهم أهل الشفاعة عند الله بعهد الله وميثاقه، فإن كنا نبغي الشفاعة بقولنا (يا علي إشفع لي) فالأولى وأدبا مع الله أن نطلب الشفاعة منه مباشرة ونقول: (اللهم شفعني في رسولك أو شفعني في علي).
هذا فيما يخص دعاء (إشفع لي) وهو أخف وطأة من صيغة (أدركني)، غير أنه لم يمر علي فيما مضى صيغة (إشفع لي) بين أوساط الشيعة بل صيغة (أدركني) هي المهيمنة، وهنا الطامة الكبرى. من غير الصحيح القول بأن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة (أدركني يا علي) يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة، فليس في ذلك ما يدل عليها ولا توجد قرينة ولا بينة لذلك، وأسألكم بالله، ساعة أن يردد الشيعي (أدركني يا علي) هل يفكر في الله أم يفكر في علي؟ (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه)! ولا يمكن تبرير هذه الصيغ وإسنادها إلى النيات، لأن النية غير كافية إذا كان العمل غير مشروعا!
يقص لنا القرآن أخبار الأمم السابقة ليس على سبيل التسلية بل للعبرة والاتعاظ والنهي عن التشبه بأفعال أهل الضلال لئلا ننتهي إلى ما إنتهوا إليه