العبوس ليس من صفات النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين المسترشدين.
ثم الوصف بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء، لا يشبه أخلاقه الكريمة كما عن المرتضى رحمه الله. وقد عظم الله خلقه صلى الله عليه وآله إذ قال، وهو قبل نزول هذه السورة: وإنك لعلى خلق عظيم. والآية واقعة في سورة (ن) التي اتفقت الروايات المبينة لترتيب نزول السور على أنها نزلت بعد سورة إقرأ باسم ربك. فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه في أول بعثته ويطلق القول في ذلك، ثم يعود فيعاتبه على بعض ما ظهر من أعماله الخلقية ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا، والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا.
وقال تعالى أيضا: وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. الشعراء: 215، فأمره بخفض الجناح للمؤمنين. والسورة من السور المكية والآية في سياق قوله: وأنذر عشيرتك الأقربين، النازل في أوائل الدعوة.
وكذا قوله: لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين. الحجر: 88، وفي سياق الآية قوله: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. الحجر: 94، النازل في أول الدعوة العلنية.
فكيف يتصور منه صلى الله عليه وآله وسلم العبوس والإعراض عن المؤمنين، وقد أمر باحترام إيمانهم وخفض الجناح، وأن لا يمد عينيه إلى دنيا أهل الدنيا.
على أن قبح ترجيح غنى الغني وليس ملاكا لشئ من الفضل، على كمال الفقير وصلاحه بالعبوس والإعراض عن الفقير والإقبال على الغني لغناه، قبح