مسألة: فإن قيل: أليس قد عاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله في إعراضه عن ابن أم مكتوم لما جاءه وأقبل على غيره بقوله (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى) وهذا أيسر ما فيه أن يكون صغيرا. قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال على توجهها إلى النبي صلى الله عليه وآله، ولا فيها ما يدل على أنه خطاب له، بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه. وفيها ما يدل عند التأمل على أن المعني بها غير النبي صلى الله عليه وآله، لأنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي صلى الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلا عن المؤمنين المسترشدين!!
ثم وصفه بأنه يتصدى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه، فليس هذا مشبها مع أخلاقه الواسعة وتحننه على قومه وتعطفه! وكيف يقول له: وما عليك ألا يزكى، وهو صلى الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون ذلك عليه؟! وكأن هذا القول إغراء بترك الحرص على إيمان قومه. وقد قيل إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها.
ونحن وإن شككنا في عين من نزلت فيه، فلا ينبغي أن نشك أنها لم يعن بها النبي، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم، والإقبال على الأغنياء الكافرين والتصدي لهم؟! وقد نزه الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله عما هو دون هذا في التنفير بكثير.
- وقال الشيخ الطوسي في التبيان ج 10 ص 268: