وآله وسلم، ونص كلام ابن أم مكتوم. ونحن نكتفي بهذا القدر، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة.
وثالثا: إن ظاهر الآيات المدعى نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه، وسجيته، وخلقه: أن يتصدى للغني، ويهتم به ولو كان كافرا ويتلهى عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكى، ولو كان مسلما.
وكلنا يعلم أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من طبعه، وخلقه. كما أن العبوس في وجه الفقير، والإعراض عنه، لم يكن من صفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى مع أعدائه، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودائه، وهو الذي وصفه الله تعالى بأنه: بالمؤمنين رؤوف رحيم.
بل لقد كان من عادته صلى الله عليه وآله مجالسة الفقراء، والاهتمام بهم، حتى ساء ذلك أهل الشرف والجاه، وشق عليهم. وطالبوه بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه، وأشار عليه عمر بطردهم، فنزل قوله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. ويظهر: أن الآية قد نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية أو حين بلوغهم أمر الهدنة، ورجوعهم إلى مكة.
ولكن يبقى إشكال: أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محله، لأنه لم يكن قد أسلم حينئذ لأنه إنما أسلم قبل الهجرة إلى المدينة بيسير، كما سنرى.
كما أن الله تعالى قد وصف نبيه في سورة القلم، التي نزلت قبل سورة عبس وتولى: بأنه على خلق عظيم، فإذا كان كذلك، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق، والموجب للعتاب واللوم منه تعالى لنبيه صلى الله