وقوله عبس وتولى، قيل: إنه أمية وهو الذي تولى دون الني صلى الله عليه وسلم! ألا ترى أنه لم يقل عبست، وقوله ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، وقوله ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم. وبهذا يزول الإشكال المشهور في أنه كيف يصح خطابه صلى الله عليه وسلم مع ثبوت عصمته عن ذلك كله. ويجاب أيضا: بأن ذلك على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض.
والتحقيق أن هذا ونحوه من باب خطاب العام من غير قصد شخص معين، والمعنى اتفاق جميع الشرائع على ذلك، ويستراح حينئذ من إيراد هذا السؤال من أصله. وعكس هذا أن يكون المراد عاما والمراد الرسول، قوله: لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم بدليل قوله في سياقها: أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين.
- وقال القاضي عياض في الشفا: 2 / 161:
قوله (عبس وتولى) الآيات.. فليس فيه إثبات ذنب له صلى الله عليه وسلم بل إعلام الله أن ذلك المتصدى له ممن لا يتزكى، وأن الصواب والأولى كان لو كشف لك حال الرجلين الإقبال على الأعمى وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما فعل وتصديه لذاك الكافر كان طاعة لله وتبليغا عنه واستئلافا له، كما شرعه الله له لا معصية ومخالفة له. وما قصة الله عليه من ذلك إعلام بحال الرجلين وتوهين أمر الكافر عنده والإشارة إلى الإعراض عنه بقوله وما عليك ألا يزكى.
وقيل: أراد بعبس وتولى الكافر الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قاله أبو تمام.