عقلي مناف لكريم الخلق الإنساني، لا يحتاج في لزوم التجنب عنه إلى نهي لفظي.
وبهذا وما تقدمه يظهر الجواب عما قيل: إن الله سبحانه لم ينهه صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا الفعل إلا في هذا الوقت، فلا يكون معصية منه إلا بعده، وأما قبل النهي فلا! وذلك أن دعوى أنه تعالى لم ينهه إلا في هذا الوقت تحكم ممنوع، ولو سلم، فالعقل حاكم بقبحه، ومعه ينافي صدوره كريم الخلق، وقد عظم الله خلقه صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك، إذ قال:
(وإنك لعلى خلق عظيم) وأطلق القول.. والخلق ملكة لا تتخلف عن الفعل المناسب لها.
- وقال ابن طاووس في سعد السعود ص 248:
(فصل) فيما نذكره من تعليق معاني القرآن، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النجاشي ووجدته بصيرا في كثير مما ذكر، فمما ذكره من الوجهة الثانية من القائمة الرابعة من الكراس قبل آخر كراس من الكتاب بلفظه:
بسم الله الرحمن الرحيم. عبس وتولى أن جاءه الأعمى. نزلت في ابن أم مكتوم إلى النبي، فقال أسيد: وعند النبي رجل من عظماء الكفار، فجعل النبي يعرض عنه ويقبل على المشرك فيقول: يا فلان هل ترى لما أقول بأسا؟.
فيقول لا. فأنزلت عبس. يقول على بن موسى بن طاووس: هذا قول كثير من المفسرين ولعل المراد معاتبة كان على الصفة التي تضمنها السورة على معنى إياك أعني واسمعي يا جارة، وعلى معنى قوله تعالى في آيات كثيرة يخاطب به النبي والمراد بها أمته، دون أن تكون المعاتبة للنبي (ص)، لأن النبي إنما كان يدعو المشرك بالله بأمر الله إلى طاعة الله، وإنما يعبس لأجل ما