أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك، وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله: تربت يمينك، عقرى حلقى، وفي هذا الحديث (لا كبرت سنك) وفي حديث معاوية (لا أشبع الله بطنك) ونحو ذلك، لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء. فخاف صلى الله عليه وسلم أن يصادف شئ من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة، وقربة وطهورا وأجرا، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه، وقد سبق في هذا الحديث أنهم قالوا:
ادع على دوس، فقال: اللهم اهد دوسا. وقال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. والله أعلم. ا. ه كلام الإمام النووي رحمه الله تعالى.
وأقول لك يا فاطمي: لقد فطنت والحمد لله للموضوع من أوله، فهو يدور كما قلت حول نقطة أو نقطتين لا ثالث لهما، وهي أنه لا يمكن أن يكون قد دعا على معاوية رضي الله عنه ومعاوية ليس أهلا لذلك (مع أنكم تجعلون معاوية بهذا الدعاء: لا أشبع اللبطنه كافر!!!) (كذا). والثاني أن ذلك ينافي موضوع العصمة وهو الأهم في نظرك. وأما موضوع معاوية، فهذا قد عشعش في معتقداتكم، ولا أستطيع أن أغير منه أنا شيئا، إن كان الله قد أراد غير ذلك.