وهذا هو تقدير الله السابق لخلقه، وكما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.
وهذا هو معنى الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن ميسرة الفجر قال:
قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه كان نبيا أي كتب نبيا وآدم بين الروح الجسد.
ويدل على هذا القول: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله متى وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد. وما رواه الإمام أحمد عن ميسرة الفجر، قال: قلت: يا رسول الله متى كتبت نبيا؟
قال: (وآدم عليه السلام بين الروح والجسد) . والمعلوم الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن الله خلق الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار وخلق آدم من تراب، والنبي صلى الله عليه وسلم خلق مما يخلق منه سائر البشر، ولم يخلق أحد من البشر من نور. ولكن لا يعني هذا تفضيل بعض المخلوقات على بعض باعتبار ما خلقت منه، فقد يخلق المؤمن من كافر، والكافر من مؤمن، كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر.
وآدم خلقه الله من طين: فلما سواه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شئ وبأن خلقه بيديه، وبغير ذلك.
ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم على الله وآدم فمن دونه تحت لوائه. قال صلى الله تعالى عليه وسلم: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته. أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه، كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله