قال له المشركون: إن كنت صادقا، فخبرنا عن عيرنا أين لقيتها؟ قال:
(بمكان كذا وكذا مررت عليها ففزع فلان)، فقيل له: ما رأيت يا فلان، قال: ما رأيت شيئا! غير أن الإبل قد نفرت.
قالوا: فأخبرنا متى تأتينا العير؟ قال: (تأتيكم يوم كذا وكذا). قالوا:
أية ساعة؟ قال: (ما أدري، طلوع الشمس من هاهنا أسرع أم طلوع العير من هاهنا)، فقال رجل ذلك اليوم: هذه الشمس قد طلعت. وقال رجل:
هذه عيركم قد طلعت!
واستخبروا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذلك. روى الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربا ما كربت مثله قط.
قال فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شئ إلا أنبأتهم به). الحديث.
وقد اعترض قول عائشة ومعاوية بأنها كانت صغيرة لم تشاهد، ولا حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما معاوية فكان كافرا في ذلك الوقت غير مشاهد للحال، ولم يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أراد الزيادة على ما ذكرنا فليقف على (كتاب الشفاء) للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء.
وقد احتج لعائشة بقوله تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس.
فسماها رؤيا. وهذا يرده قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا. ولا يقال في النوم: أسرى. وأيضا فقد يقال لرؤية العين: رؤيا، على ما يأتي بيانه في هذه السورة. وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة على أن