البشر هو المخلوق الذي أوجده الله تعالى من طين، ولم يشر القرآن الكريم إلى كون الخلقة البشرية تقتضي أكثر من ذلك. أما الكمالات التي للإنسان فلم تنشأ من الطبيعة البشرية، بل لأمر آخر بينه الله تعالى: (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين). سورة ص - 75. فكمالات الإنسان وتفضيله على غيره من المخلوقات، لأنه مخلوق تجلت فيه صفات الجلال والجمال، ففاق بذلك بقية مخلوقات الله تعالى وفضل عليها.
وأما النواقص الخلقية وغيرها من النواقص غير التكوينية، فهي تأتي الإنسان من جهة ما يتمتع فيه من اختيار يكون منفذا لحركة الشيطان وتأثيره في الإنسان، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم على لسان إبليس لعنة الله: (قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين... إلا عبادك منهم المخلصين). الحجر - 38، 39. فتلخص مما تقدم: أن الكمالات والنقائص الحاصلة للإنسان ليست تابعة نشأته البشرية، بل لأمور خارجة عن تلك النشأة، يشاركه فيها بقية المخلوقات درجات وكيفيات متفاوتة طبقا لما أودعه الله تعالى فيها من كمالات.
وإذ نرى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما يصف نفسه بالبشرية، لا يثبت بذلك وجود طبيعة ناقصة فيه، لأن النشأة البشرية ليس فيها إلا النقص الناشئ من الإمكان، لأنه مفتقر إلى الله تعالى في وجوده في جميع أدواره. لذا قال تبارك وتعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). الكهف - 11.