والسؤال: لماذا قال موسى عن نفسه (فعلتها إذا وأنا من الضالين)؟
أرجو ألا تأتيني بقول يقول إن المقصود (وأنا من الضالين) القبطي أو الإسرائيلي!!! فإذا قضية النصرة في المرة الأولى لا شك فيها ولا مرية فيها أنها مما يتاب منه ويستغفر وأنها معصية صغيرة، على ما سبق تفصيله. ونأتي الآن إلى الكلام على النصرة الثانية وهل كان الإسرائيلي ظالما فيها أم مظلوما.
وهل كان ما فعله موسى صلى الله عليه وسلم فيها صحيحا أم غير صحيح؟
وأقول لك يا تلميذ: القرآن لم يفصل في موضوع النصرة الثانية وهل كانت هذه المرة صحيحة أم خاطئة، أما النصرة الأولى فقد فصل فيها القرآن وأثبت خطأ موسى عليه الصلاة والسلام فيها، ورجوعه عن هذا الخطأ وقبول توبته من الله عز وجل، وأما النصرة الثانية فليس لنا أن نجزم فيها بشئ طالما أنه لم يثبت لنا شئ فيها من طريق النقل، فالإسرائيلي وإن كان مشهورا بالغواية وكثرة المشاكل إلا أنه ربما كان في هذه المرة مظلوما بحق وواجب النصرة فعند ذلك ليس هناك إشكال في نصرته في هذه المرة، بعكس المرة السابقة، وهذا احتمال قائم لا يمكن الجزم به ويبقى الاحتمال السابق قائما، وأن موسى ربما كان مخطئا في هذه المرة أيضا، وهذا ما لم يجزم بذكره في القرآن، فكيف تطالب بذكر توبته منه؟
غاية ما قلناه أن هذا يبقى احتمالا قائما، فإن كان ما حصل منه في المرة الثانية ذنبا فمن المحتم أن يتوب منه موسى عليه الصلاة والسلام، وإن لم يكن كذلك فلا حاجة للاستغفار، وأقول لك: إن هذا كله كان قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، ومسألة العصمة قبل البعثة فيها خلاف كبير.