وقد يكون الحديث ضعيفا بلفظ معين لكنه يروى بلفظ آخر صحيح وسنده قوي. وقد أشار الدكتور البوطي لهذه الطريقة حين علق على تضعيف الشيخ ناصر الدين الألباني (سلفي كبير معتمد في تحقيق الأحاديث، وولاؤه لأبناء عبد العزيز) لحديث رواه بلفظ معين. يقول البوطي: (وإنما هو ضعيف بهذا اللفظ فقط، أما أصل الحديث فقد رواه البخاري بطريق صحيح ... وإذا كان للحديث الواحد طريقان فلا ينبغي الاقتصار وتخريجه على ذكر الضعيف منهما لما فيه من الإيهام) (اللامذهبية، ص 163 ).
والحقيقة أن هذا ليس إيهاما فقط إنما تحريفا (كذا) وكتما للحق. ولعل الشائع لديهم اليوم هو انتقاء الأحاديث الخاصة التي تدعم مذاهبهم الفروعية والأصولية. وعدم الذكر أو التعرض لغيرها لدرجة تجعل القارئ لا يعلم بوجود سوى ما ينشرونه في كتبهم. وانظر مثلا عندما يتكلمون عن صفة صلاة النبي (ص) فإنك لن تجد حديثا يخالف ما عليه المذهب الحنبلي، وإن كان صحيح السند عند غيرهم، بل ذكرته الصحاح لدى أهل السنة والجماعة.
وإذا ما تم ذكر بعضها أو التعرض له، فلأجل الطعن في سنده وتجريح رواته.
لا شك أنه سيطول بنا المقام، لو أردنا أن نأتي بالأمثلة على كل ما ذكرناه من كتب السلفية. فالمهم عندنا أن يعلم القارئ هذا الأسلوب. ويعرف خلفيته ونتائجه. ففي أغلب الأبواب والمواضيع التي ينتصر السلفية فيها لرأي مخصوص أو عقيدة متميزة تجد عشرات الأحاديث والنصوص التي تخالف ما يذهبون إليه، وهذه النصوص تكون في الغالب على الأعم صحيحة. لذلك