ولا أخال أحدا عاقلا لا يعي ما للإيمان من دور فعال في حياة الفرد والمجتمع، فنظرة واحدة إلى ما أحرزته الأمم المتقدمة من انتصارات كبيرة في الأبعاد المادية كتسخيرها للطبيعة وتحقيقها تقدما باهرا في الطب والتصنيع والاتصال، تكفي شاهدا على ما نقول، لأن هذا التقدم لم يؤثر إيجابيا في حياتها النفسية، فلم تجد الطمأنينة والأمن النفسي بعد، ولم تذق طعم السلام إلى اليوم، وتنتاب أفرادها موجة من الشك والقلق والخوف من المستقبل، تدفعهم إلى الهروب من الحياة أو الانتحار الذي أصبح ظاهرة ملفتة للنظر في المجتمعات الغربية، لذلك أخذ علماؤها ومفكروها يدقون أجراس الخطر.
كما لم يؤثر التقدم المادي المشهود في أبعادها الخلقية إذ يلاحظ كثرة وتنوع مظاهر الفساد في أكثر البلدان وتفشي ظاهرة الجريمة والشذوذ وتعاطي المخدرات على أوسع نطاق. وفوق ذلك لم يحدث تطور في تصور الإنسان عن غاية الوجود وأهداف الحياة الإنسانية.
والمثير في الأمر بروز مظاهر جديدة للكفر تقف وراءها مؤسسات عملاقة أخذت تحارب الإسلام وتحاول النيل من مبادئه والحط من مكانة ومصداقية رموزه.
وأخذت دائرة الكفر تتسع بظهور جماعات تنتشر في كافة القارات، وتدعوا - علنا - لعبادة الشيطان!، وقد أوجدت لهذه الغاية طقوسا خاصة وأماكن مخصصة، مستفيدة من أحدث وسائل الاتصال لنشر أفكارها الهدامة، لذلك وجدنا الحاجة ماسة للحديث عن قضية الإيمان والكفر، ونعتقد أنها من القضايا الحيوية الأولية التي يجب إعطاءها ما تستحقه من أهمية.