ووجودها على الأرض: * (ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) *.
* (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) *.
وتحدث عنه قيما إنسانية عالية كفيلة بصنع المجتمع الأمثل: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) *.
هذه هي صورة الإيمان وحقيقته، وهذه هي أبعاده، فليس هو أنسا صوفيا يحبس المرء في صومعته، ولا هو مجرد دعوى تلج بها الألسن أيضا، بل هو الآفاق الشاسعة التي تتعلق بالفكر والسلوك والنظم والعلائق الإنسانية بأسرها، وهي آفاق واسعة جدا يضيق المدلول اللغوي لكلمة (الإيمان) عن ضبطها وحصرها، فضلا عن احتوائها. ولهذا كان الإيمان سرا في نهضة أمم وازدهارها، وكان الكفر سرا في انهيارها وضياعها.
إذن، حينما ندرس الإيمان والكفر، فلسنا ننهمك في مداعبة الروح وتخديرها بالآمال، ولا تخويفها بالأهوال، كما قد يتخيل البعض بنظرة تبسيطية سطحية، وإنما ندرس في الواقع معادلات الحياة البشرية كلها، والتي يشكل الفرد والمجتمع أبرز محاورها.
وإذ يولي مركزنا هذا الموضوع اهتمامه من خلال هذا الاصدار فهو لا يدعي أنه قد وفى لهذا الموضوع حقه واستوعب جوانبه وإن ألقى المزيد من النور على حقائقه الكبرى، لا لأجل توسيع آفاق المعرفة بهذا الموضوع، أو تثقيف العقول برصيده الفكري الضخم فحسب، وإنما لأجل أن تستحيل تلك المعرفة إلى طاقة محركة وقوة دافعة تصبغ الواقع الإنساني في إطار الضمير والشعور بصبغة محاور الإيمان النقية الخيرة، وتتمثل في حياة الفرد والمجتمع نظاما وخلقا.
والله تعالى هو المستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل مركز الرسالة