يكون ذلك حصيلة توكيل حر من الأمة لهذه الجهة بهذه الإنابة، وبالمثل لا يمكن أن يكون مصدر الشرعية والولاية هو الله بينما الذي ينصب الولي جهة أخرى، ولذلك فإن هذا النص العظيم الذي قد جعل شرعية أولياء الأمر وولايتهم صادرة عن الله، فقد دل بذاته ودونما حاجة إلى دليل من خارجه، أنه لا يتكلم عن مطلق ولي بل عن أولياء قد نصبهم تعالى في الولاية، وليس متاحا أن ينصبهم أحد غيره فيها، إذ يصبح الذي نصبهم مصدر ولايتهم ومصدر شرعيتهم واقعيا، ويكون ذلك مصادرة للولاية وللشرعية، وإبطالا لفريضة النص، علما أنه ما من دليل على أن الشارع الأقدس قد أو كل للناس تنصيب الإمام ذي الشرعية الإلهية، ولم يكن استناد هذا الاجتهاد سوى إلى عمل الصحابة الذي لا دليل عليه بذاته من كتاب ولا سنة مما يجعل عملهم مصادرة للفريضة.
وهكذا فإن الجهة التي أسماها تعالى أولي الأمر والتي منحها الشرعية والولاية هم جهة قد نصبهم الله أولياء على الأمة بحكم هذا النص، فلا بد أن يكون قد جعلهم معلومين على لسان رسوله المبلغ (صلى الله عليه وآله).
ولا عبرة لما قد يقال مماحكة بأن النص لا يعني أكثر من إقرار الشريعة لضرورة الولي، فمثل هذا القول لا ينطوي سوى على ظلم للشريعة الإلهية الخاتمة بجعلها من مستوى بدائي متخلف حتى عن الشرائع التي عاصرتها أو سبقتها بأحقاب كثيرة، فضلا عن تخلفها عن مستوى ما سيأتي من شرائع بشرية بعدها، بينما قد جعلها الله تعالى خاتمة الشرائع