الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٠٠
حقا أن الإمام في الإسلام رباني السلطة والشرعية ولا يقيله إلا الله، لكن الحق كذلك أن الله تعالى، مانح السلطة ومصدر الشرعية وهو الذي قد نصب الأئمة في هذه الوظيفة الربانية الطابع والأهداف، أولي الأمر الذين عصمهم في ولايتهم هذه من الضلال، لذلك لم يكن من عزل للإمام. والحقيقتان في أن الله تعالى هو مانح الولاية وأنه لا عزل للإمام، هما من المعالم التي تبقت شاخصة إلى الأنظار بعد أن عبث القوم بالفريضة الإلهية، وادعوا تنصيب الإمام، فظهر من هاتين الحقيقتين أن الله هو الذي ينصب الأئمة، وأن شأنهم غير متروك للناس، ولو شاء الله أن يوكل تنصيب الإمام لعباده، لما جعل ولايته ربانية فيفقدون بعد تنصيبه أي آلية لضبط حاكميته، ويعجزون عن خلعه إذا ظهر فساد حكمه، فتقع الأمة في المأزق الذي لا حل له إلا بالدماء، واضطراب شأن المجتمع، كالذي حصل تاريخيا، وكان المدخل إلى كل ضعف أصاب الأمة، وكل تعثر لحق الرسالة إلى يومنا هذا، فلو صدر تشريع كهذا عن أي جهة لاتهمت بالقصور والعجز أو الظلم، وحاشا لله، بل لو شاء تعالى ذلك، خلافا لمدلول النص الواضح، لكان قد سن للناس سبيلا يتبعونه في هذا الأمر يقيهم من الزلل والخطأ ويقي الرسالة من التعثر، غير أنه لا وجود في الكتاب ولا السنة لنصوص حاكمة لشأن الإمامة سوى تلك التي شرعت الإمامة المعصومة العاصمة، لذلك حين تنكرت الأمة، تحت تأثير عوامل شتى، لا مجال لبحثها هنا، لهذه الإمامة الهادية ذات الشرعية الربانية، تعثرت اجتهاداتهم بآراء ذاتية مضطربة، أنتجت نظام حكم أساسه شرعية من تولى وكيفما تولى، أي تمحورت حول إيجاد الذرائع التي بها تفرض
(١٠٠)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الضلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»