الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٩٥
بالبيعة لمن تولى عليهم، أعن اختيار أم عن قهر واقتناص، وهذا بالضرورة يجعل الولاية بشرية المصدر وربانية بالادعاء، حيث أصبحت الشرعية تابعة للولي، تالية له، ومحكومة للبشر، وهي بيدهم يمنحونها لمن يختارون أو يتنازلون عنها لمن قهرهم عليها واقتنصها، أو يمنحها السابق إلى اللاحق وهو إبطال في الواقع لفريضة النص، إذ في عرف الشرائع أن الجهة التي تنصب الولي هي واقعيا الجهة التي تمنحه الولاية وتكون مصدر شرعية ولايته، ولا يمكن عمليا الفصل بين الأمرين، فلو استولى واحد على الولاية بالقهر أو استخلفه الذي قبله، أو اختاره بعض الناس أو كلهم، كانت شرعيته صادرة عن ذاته أو الذي استخلفه أو الذي اختاره، ولو قررت الشريعة أن القائد ينتخب من الأمة فجاءت جماعة، فرضت عليهم قائدا، كانوا هم مصدر ولايته وشرعيته لا الأمة التي خضعت لحكم الأمر الواقع لا عن اختيار حر، ولا يتبدل الواقع مهما موهته الجهة المسيطرة بشرعية وهمية تدعيها باسم الله والدين أو باسم الشعب والأمة وسوى ذلك، فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن شرعية سلطة الولي مصدرهما الذي ولاه، إما ذاته أو فرد آخر استخلفه أو فرضه بوسيلة ما، أو جماعة من الأمة أو الأمة التي انتدبته بحرية الاختيار، أو الله تعالى، والحقيقة الثانية التي ترتبط بالأولى هي أن الجهة التي تمنحه شرعية الولاية هي ذاتها التي تنصبه واقعيا في موقع الولي، ولا يمكن الازدواجية في هذا الأمر بأن تكون جهة أولى تمنح الشرعية للولي، بينما الذي ينيبه في الولاية جهة أخرى، إلا أن تكون هذه الإنابة عن توكيل من الجهة المانحة، مثلا لا يمكن أن تكون الأمة مصدر السلطة بينما الذي ينتدب إليها أحدها أو بعضها، إلا أن
(٩٥)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»