الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠٦
هذا النص في بني إسرائيل هو من قبيل قوله تعالى فيهم أيضا * (وآتينا بني إسرائيل النبوة والكتاب) * فمن الواضح أنه تعالى قد أتى ذلك أنبياءهم لا جميعهم، إنما عمم الكلام لأنهم فيهم من جهة أولى، وليدل على قيام الحجة به على مجموعهم من جهة ثانية، ومثله في ذلك النص عن وراثة الكتاب، إذ الوارثون هم المصطفون منهم كما أخبرنا تعالى بقوله عن نوح (ع)، وإبراهيم (ع) * (.. وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب..) * وفي الذرية المصطفاة وليس في عموم بني إسرائيل، إنما عمم الكلام لأن هؤلاء الوارثون المصطفون هم فيهم، وتقريرا لقيام الحجة بهذه الوراثة عليهم. على أنه في فهم الموضوعات القرآنية لا بد من النظر في مجمل الآيات المتعلقة بموضوع وراثة الكتاب، فنجد وجهين منها، وراثة الكتاب الخاصة بالمصطفين ووراثة الكتاب لعموم الذين انتسبوا إليه، ونفهم الفرق من قوله تعالى * (إنا أنزلنا إليك الكتاب..) * (1) في مقابل * (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون) * (2)، فتنزيل الكتاب في الحالتين له مدلول مختلف لجهة الوظيفة والمضمون، فالتنزيل على الأنبياء يعطيهم المرجعية في شأنه، ويدل على تكليفهم القيام به، وجعل علمه لديهم واستحفاظهم عليه بوجهه المطابق لما عند الله، أما التنزيل على الناس فهو من خلال التنزيل على الأنبياء، ليعني قيام الحجة عليهم به ووجوب الالتزام به، والقيام به من خلال مرجعيته العالمة به لا من خلال

(1) سورة المائدة / الآية 48.
(2) سورة الأنبياء / الآية 10.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»