الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠٥
والكتاب وليس كل الذرية، لأن الذين هم خارج الاصطفاء منهم لا يتميزون بالنسب عن بقية المؤمنين لجعل الكتاب فيهم حصرا، وحمل الكتاب هو في حمل علمه ومرجعيته والقيام به، بلا ريب، ولما كانت طبيعة علم " الكتاب " جعلا إلهيا لا موضوعا كسبيا، ظهر لنا مضمون الاصطفاء لوراثة الكتاب وضروراته، فالله تعالى قد أورث " الكتاب " للعباد المصطفين، الذين قد اصطفاهم بحكمته لما علم قابليتهم، فجعل لديهم علمه، وحملهم مرجعيته.
من ناحية أخرى، هذا النص الذي يقرر وراثة الكتاب بالاصطفاء، يقدم لنا دليلا على أن علم الكتاب على سبيل الإحاطة والمطابقة لما عند الله تعالى، هو شأن أساسه الاصطفاء الرباني، فيؤيد ما ذهبنا إليه في دلالة نصوص الشاهدية من أنها وظيفة قائمة على الاصطفاء والاجتباء الإلهيين.
إن الدلالات السابقة الذكر يفرضها النص حين جعل وراثة الكتاب قائمة على الاصطفاء، هذا الأمر الذي يختلف كليا عن وراثة المؤمنين عامة للكتاب، كما سيظهر في الفقرة الآتية.
وراثة الكتاب بين المصطفين وعموم الناس.
لقائل أن يدعي أن هذا النص يماثل قوله تعالى * (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب (35) هدى وذكرى لأولي الألباب (54)) * (1)، فلماذا لا تكون الوراثة هنا أيضا عام لكل أمة القرآن.

(1) سورة غافر.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»