الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣١٠
حقبته والناس الذين أرسل النبي (صلى الله عليه وآله) إليهم به، فلا مبرر لهذا الانتزاع، بينما النص ذاته يشير إلى هذا الارتباط بحقبة القرآن على النحو السالف الذكر، لا سيما أنه لا يوجد في أسباب النزول ما يبرر نزوله مستقلا، فاقتضى أخذه بظاهر سياقه، ولو قبلنا جدلا بسلخ النص عن سياقه لما دل منفردا على تعلقه بالحقبة السابقة للقرآن فضلا عن غيرها، بل يغدو ذا دلالة عامة، تفيد حينئذ بالضرورة تعبيرا عن حقيقة ربانية أن الله تعالى يورث الكتاب للمصطفين من عباده بعد التنزيل على رسله، وإنما جاءت العبارة في الماضي للدلالة على أن هذا قضاء ناجز، ويكون عندئذ شاملا لحقبة القرآن، أي يتضمن توريث الكتاب بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويعود المعنى إلى الذي إليه أشرنا بداية.
من ناحية ثانية، إن انتزاع النص من موضعه يفرض النظر إليه في علاقته بمجمل الآيات التي قبله التي تتكلم عن الكتب والرسل وهي الآيات (24، 25، 31) * (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا، وإن من أمة إلا خلا فيها نذير (24) وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم، جاءتهم رسلهم بالبينات والزبر والكتاب المنير (25)..) * إلى قوله * (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه، إن الله بعباده لخبير بصير (31) ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا... (32)) * فلو شئنا فهم النص من خلال العلاقة بمجمل هذه الآيات وجدناه يدل على توريث الكتاب تاليا لتنزيله على مجمل الرسل والأنبياء، بما فيهم خاتمهم (صلى الله عليه وآله)، أي بعد انتهاء عصر الوحي الإلهي.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»