الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠١
يشمل كل عمل سوء، بما فيه الكفر، وضلال الفكر والعمل.. ومن يكون هكذا لا يكون من المصطفين في أي معيار لتعارضه مع الدلالة اللغوية للاصطفاء ولنشوزه عن الذي عهد من سياق استعماله القرآني، وهكذا فقد ميز تعالى بين العباد ثلاثة أصناف: الظالم لنفسه، والمقتصد، والسابق بالخيرات، فالظالم هو الذي كفر بالكتاب أو تنكر له، أو عمل فيه بهواه، والمقتصد هو الذي مزج السئ بالحسن والطاعة بالمعصية والضلال بالهدى، فلم يغلب عليه الظلم لذا ميز عن الظالم لنفسه، وأما السابق بالخيرات، فقد ميزهم عن الصنفين الأولين بقوله * (ذلك هو الفضل الكبير) *، ولعلهم هم المصطفون أنفسهم لانطباق صفة الأمثلية عليهم، وهكذا فالنص قد ميز المصطفين عن أهل الظلم والضلال وأهل السيئات والمعصية، فيكون فيه إشعار بتنزههم عن المعاصي والضلال، الأمر الذي يتوافق مع دلالة الاصطفاء لغويا في اختيار الأمثل ومضمونها القرآني، في اختيار الله تعالى للصفوة من خلقه، الذين بارك فيهم وحملهم وظائف رسالته العظيمة التي لا يقوى على حملها إلا مثل هؤلاء.
ومن الطبيعي أن تكون الوظائف الربانية في الرسالات الإلهية اصطفاء ربانيا، لا شأنا بشريا ينتدب له الناس بعضهم بعضا، ولقد أخبرنا تعالى عن هذه الحقيقة بصيغة المضارع بقوله " إن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، إن الله سميع بصير (75) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور (76)) * (1). فالنص يخبرنا عن حقيقة كائنة

(1) سورة الحج.
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»