الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠٧
ظنونهم، ومنه نفهم وراثة الكتاب في بني إسرائيل وكل الأمم، فالوارثون من المصطفين رسل وأنبياء وأئمة، ووراثتهم هي وراثة علمه ومرجعيته والقيام به واستحفاظه، وهي وظيفة ربانية أساسها الاصطفاء كما في هذا النص ذاته، والله أعلم حيث يضع رسالته، بينما وراثة المنتسبين إليه هي من خلال وراثة المصطفين، وتشير إلى قيام الحجة عليهم به، والقيام به من خلال مرجعيته، وهي دور لا اصطفاء فيه، بل أساسه استجابة الناس إلى فريضة بالإيمان على كل نفس، فمنهم من أحسن ومنهم من أساء، ولقد كان من الأمم التي ورثت الكتاب من لم يحمله بل ضيعه بعدم الالتزام بفروضه، وبالتحريف من اتباعهم الكتاب بأهوائهم وظنونهم وبمخالفة مرجعيتهم، وهذا يفهم من مجموع النصوص التي تكلمت عن شأن بني إسرائيل مع أنبيائهم وتحريفهم كلام الله، ومن أجل هذا السلوك قال تعالى * (.. كالذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كالحمار يحمل أسفارا) * و * (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى) * (1) و * (.. وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب) * (2)، ومثله يكون في الأمم الأخرى بما فيها أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، ومنها قوله تعالى * (ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) * فهذا الكلام لعله ليس في المشركين، لأن الهجر لا يكون إلا بعد وصل، فالمشركون لم يأتوا إلى القرآن ولم يدخلوا في ظله ليهجروه

(1) سورة الأعراف / الآية 169.
(2) سورة الشورى / الآية 14.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»