الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠٩
الذرية المصطفاة، وفضلا عن خطأ الزعم بأن بني إسرائيل هم واقعيا جميعا أبناء إبراهيم، فإن خطأ هذا الزعم يظهر من ذات النقاش الذي سبق حول قولهم هم أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، لجهة أن فيهم من لا يتحقق لهم صفات الاصطفاء الإلهي، ولقد ظهر بوضوح كذلك في الكلام عن الفارق بين وراثة المصطفين ووراثة عموم الناس، ومن أن تحديد الوراثة بالمصطفين يخرج عموم بني إسرائيل منها، إذ المصطفون فيهم هم الأنبياء والأوصياء الذين حملهم الله الوظائف الإلهية كما تدل النصوص، وليس جميعهم، كما أنه ليس من سبب للإدعاء أن المصطفين في هذا النص هم ذاتهم المصطفون من بني إسرائيل، إذ لا توجد أي إشارة في النص توحي بذلك الإنتقاء لحقبتهم.
ولقد قيل هم الأنبياء عموما، وما ذلك إلا لمسايرة مضمون الاصطفاء في النص، لكن هذا التفسير يضفي على النص إبهاما لا إيضاحا. فالنص يذكر المصطفين من العباد، وليس كلهم أنبياء كمريم (ع) وغيرها، وما من قرينة تسمح بتخصيص اللفظ بالأنبياء، في وقت يقدم سياق النص القرينة على أن الكلام خاص بحقبة القرآن من قوله تعالى * (... ثم...) * ليفيد أن التوريث كان بعد التنزيل على محمد (صلى الله عليه وآله) الذي ذكرته الآية التي سبقتها. وليس من المصطفين بعده (صلى الله عليه وآله) في حقبته إلا أهل بيته (ع).
على أننا لو اعتبرنا أن الكلام هو عن الحقبة السابقة للقرآن لكان بمثابة انتزاع للنص من سياقه، إذ أن الآيات السابقة واللاحقة تتكلم كلها عن
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»