الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٠٤
لمجمل الآيات المتعلقة بالكتاب فليراجع هناك، ولقد أظهرنا المدلول القرآني لهذا اللفظ حين يكون متعلقا بالرسالات الإلهية، ووجدنا أنه يشير إلى مجمل الوحي الإلهي المنزل على الرسل ومجمل الرسالات الإلهية وبوجهها الصحيح الذي عند الله، ووجدنا أن إحاطة العلم بذلك وبحكم طبيعته الربانية لا يكون كسبيا بالوسائل المتاحة للناس في السماع والرواية والاستقراء، لعجزها عن حقيقة الإحاطة والمطابقة مع ما عند الله مضمونا وأبعادا وبرنامجا، بل لا يكون إلا جعلا إلهيا، ولولا أن جعل الله علم ذلك عند رسله وأنبيائه لما حصل لهم، إذ كان الجعل من خلال تنزيل الكتاب عليهم في وظيفتهم الرسولية، كما تنبؤنا بذلك النصوص القرآنية المتعلقة بموضوع الكتاب، ولأجل هذا إن وجد عند غيرهم من العباد، فلا بد أيضا أن يكون جعلا إلهيا، وأيضا من خلال وظيفة ربانية من وظائف الرسالات، ووجدنا أن نص * (.. ومن عنده علم الكتاب) * يشير إلى جهة لديها كامل علم الكتاب لا بعضه، بالمقارنة مع " قال الذي عنده علم من الكتاب " مما اقتضى أن يكون جعل هذا العلم عند الجهة المشار إليها بالنص هو من أجل وظيفة الشاهدية التي أفاد بها النص ذاته * (كفى بالله شهيدا...) *.
وفي العودة إلى النص الذي نحن في صدده نجد أن الله تعالى قد أورث " الكتاب " للمصطفين من العباد، وهذا يندرج في سياق جعل الكتاب في الذريات المصطفاة من الخلق * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) * أي حملنا المصطفين منهم النبوة
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»