الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٢٨
كامل علم الكتاب. وهذا يخرج من دائرة الاحتمالات بغض النظر عن الكتاب المعني عبد الله بن سلام الذي ادعي له هذا الأمر، فلو فرضا جدلا أن الكتاب هو التوراة فهل كان لديه كامل العلم بها؟ فلو كان ذلك فلم لم يؤمن بعيسى (ع) إلى أن جاء محمد (صلى الله عليه وآله)؟ هل جهلا بمضمون الكتاب أم جحودا للحق؟ فإن كان الأول فقد نقض قولهم وإن كان الثاني فلا يصلح معه للشهادة على هذا الأمر الذي فيه مصداقية الرسالة.
على أن ما يدل دلالة قاطعة على أن ما عنده من العلم وما عند سواه، ممن أسموهم علماء توراة أو إنجيل، هو علم ببعض الكتاب قوله تعالى الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب..) * ليدل أن ما لدى أهل الكتاب ما هو إلا بعض الكتاب وليس كله، وأن علم علمائهم هو علم ببعض الكتاب لا كله، لأنه حتى لو استوفى كل ما أوتوه ولو لم يكن مشوبا بالتحريف، فإنه يبقى علما بنصيب من الكتاب بعد أن أثبتنا في الفقرة السابقة مدلول " الكتاب " وأن العلم المشار إليه علم به كله.
إلى هنا خرجنا بمعلومتين هامتين أن الكتاب المقصود هو الذي فيه مجمل الوحي الإلهي ورسالات السماء، كما هي لدى الله وكما أنزلها على الرسل، وأن العلم المعني هو العلم الكامل بهذا الكتاب، أي بالرسالات الإلهية، فلا مفر أمام أي مكابر من الاعتراف بأن مثل هذا العلم لا يكون علما كسبيا عن رواية وسماع واستقراء، مما هو متاح
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»