لعموم الناس، فهو علم رباني جعله تعالى عند رسله الذين أنزله عليهم، كما ينص القرآن الكريم، ومن خلال وظيفتهم كرسل. فلو وجد عند أحد غيرهم من العباد، لاقتضى بالمثل أن يكون عن عطاء إلهي، من خلال وظيفة مقررة إلهيا. ولقد جاء هذا النص العظيم * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * ليخبرنا بأنه إلى جانب النبي (صلى الله عليه وآله)، الذي جعل لديه علم الكتاب لأنه رسول الله، فقد جعل هذا العلم عند جهة أخرى، وقد كلفها بالشهادة للنبي (صلى الله عليه وآله)، فكان هذا الجعل بسبب ذلك التكليف، وكان العلم جعلا ربانيا، لا علما كسبيا، وكانت الشاهدية تكليفا إلهيا لا خيارا أو تطوعا بشريا.
ما هي الشهادة المطلوبة؟
من العجيب: قول بعضهم أن من عنده علم الكتاب لا يكون أمير المؤمنين (ع) لأن الخصم لا يقرون به، كونه من صف النبي (صلى الله عليه وآله). إن هذا الكلام ينطق من اعتبارهم أن الشهادة تهدف إلى إقناع المشركين بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله) من خلال التبشير بها في الكتب السابقة، وتنطوي على مغالطة وسطحية عجيبة.
أولا: ادعاؤهم أن عبد الله بن سلام أو غيره ممن سموهم علماء أهل الكتاب هم المعنيون بالآية، يوقعهم في نفس المحذور الذي على أساسه أزاحوها عن أمير المؤمنين (ع)، ذلك لأن هؤلاء بعد إسلامهم قد أصبحوا لدى المشركين بذات المستوى، وفي صف النبي (صلى الله عليه وآله) كعلي