الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٣١
هؤلاء كانت عنادا وتعجيزا، غير منطلقة من عقلانية أو مصداقية، فهم قد أوصدوا عقولهم وقلوبهم لأنهم لا يريدون الإيمان، لذلك لم يكن الهدف هنا من الشهادة الاحتجاج عليهم لإقناعهم، ولو كان ذلك فلا معنى لشهادة الله فيه كما تقدم القول، بل قوله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) في هذا الحال * (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) * يعني أنه لا تهتم لافتراءاتهم وأقوالهم، فهم معاندون والحق واضح لمن أراده، ولا يضرك شيئا إن لم يعترفوا لك بالنبوة، وإنكارهم لن يغير حقيقة أنك نبي مرسل، لذا قل لهم (كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب)، فالله يشهد ومن عنده علم الكتاب لك عليهم، بأنك بلغتهم وأقمت الحجة، وأنك نبي الله حقا، فهي الشهادة للرسول (صلى الله عليه وآله) بقيام الحجة على المنكرين، وكذلك هي الشهادة بالحقيقة الأزلية الأبدية، التي لا يضيرها المشككون والمعاندون، والتي سيعلمها الناس مهما طال الزمن، ومهما طال صدود هؤلاء، وعبر مطلق الزمان ما دام في الناس جاهلون ومشككون، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى * (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) * (1) ذلك لأن الشهادة الله هي الحق المطلق وكذلك * (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا " (2) فإضافة شهادة الملائكة لها ذات الدلالة، فهؤلاء لا يرونهم ولا يكلمونهم، فهي الشهادة للرسول (صلى الله

(1) سورة الأنعام، الآية 19.
(2) سورة النساء، الآية 166.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»