الكريم)، فمطابقة القرآن للكتب السابقة تعني في أصلها المنزل على رسلها، لا في وضعها الذي آلت إليه في عصر نزول القرآن. وهذا يقدم قرينة أخرى على أن " الكتاب " حيث يذكر فيعني ذلك الكتاب، الذي فيه الوحي المنزل ورسالات السماء، كما نزلها تعالى على رسله. ولما كان ما في أيدي الناس محرفا، صار القرآن الكريم هو مصداق الكتاب في الاعتبار الإلهي وغدى هو مرجعية الرسالات الإلهية لتمييز الحق من الباطل، وهذا ما دل عليه قوله * (ومهيمنا عليه) *. ومما يعطي مزيدا من التأكيد لمعنى " كتاب " الذي ذكرنا، قوله تعالى * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم..) * فما أنزل إلى محمد (صلى الله عليه وآله) مصدق لما عند النبيين قبله من كتاب وحكمة، - أي: الكتاب في أصله - لا لما عند الناس مما طرأ عليه التحريف، وقوله تعالى * (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) * (1) ولما كان القرآن الكريم مصدقا لما قبله من الكتب وفي ذات الوقت تفصيلا للكتاب، دل على أن الكتاب هو مجمل ما ينزله تعالى إلى رسله، وأن في القرآن الكريم مزيدا من التفصيل لما كان قد أجمل للأنبياء الذين سبقوه.
فالكتاب بهذا المعنى هو ما ينزله تعالى على رسله، فهو عندهم جميعا. على أن في القرآن الكريم ما يشير إلى أن الله تعالى يظهر من