الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٣٠
(ع)، وهذا يجري أيضا فيما لو شمل النص إلى جانب المشركين أهل الكتاب، فضلا عن أن المشركين لا يعترفون بهم ولا بأنبيائهم ولا كتبهم لا قبل الإسلام ولا بعده، فلا معنى لطلب شهادتهم بتلك الكتب إن كانت الشهادة للإقناع.
ثانيا: لو كان هذا النوع من الاحتجاج سليما، لجرى مثله أيضا على شهادة الله تعالى. ألم يقل تعالى " كفى بالله شهيدا.. " فهل المشركون يرون الله أو يكلمونه؟ حتى تنفع شهادته تعالى بإقناعهم؟ فمثل هذه الشهادة لا تضيف على قول الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنه مرسل من الله، إذ ما زالت بالنسبة للخصم في موقع الدعوى ولم تتعده إلى الإقناع، مثلها في هذا مثل شهادة من عنده علم الكتاب الذي هو من صف النبي (صلى الله عليه وآله)، أيا كان أمير المؤمنين أو من آمن من علماء أهل الكتاب، فكل هذه الشهادات لا تخدم في إقناع المشركين. أما لو كان المخاصمون هم أهل الكتاب، فلا فرق حينئذ في أن يخبرهم بالبشارة التي هي في كتبهم أي مخبر عالم بها يذكرهم ويدلهم عليها، فالعبرة حينئذ هي في وجود البشارة، لا في شخص المخبر.
هذا يظهر طبيعة الشهادة المطلوب الادعاء بها، فهي ليست شهادة الإقحام والإقناع من قبيل الفض بين مدع ومدعى عليه أمام القضاء، بل هي شهادة أسمى موقعا، لا تحصل القناعة بموضوعها الذي هو حقانية الرسول ودعوته، بواسطة شهود مهما عظموا، بل ما يمنح القناعة بموضوعها صوابية محتواها، ومطابقتها للعقل وموافقتها للوجدان، ومواقف
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»