الولاية لإمام زمانه مات ميتة جاهلية، وهذه المنزلة العظمى التي للإمام تنسجم مع آية أولي الأمر التي جعلت ولايتهم مع ولاية النبي (صلى الله عليه وآله) فريضة واحدة، وجعلتها جزءا من الدين وبعض الشريعة، وجعلها حديث الثقلين معادلة للقرآن، ولا تعتصم الأمة من الضلال إلا بها جنبا إلى جنب مع كتاب الله، الذي جعل فيها إكمال الدين * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * بعد أن بلغ النبي (صلى الله عليه وآله) بولاية علي في غدير خم وأخذ له من الناس البيعة، فكانت من هذا كله جزءا من الدين الأكثر أهمية بعد النبوة، لأنها سبيل الهداية للأمة والبشرية، فيها حفظ الرسالة والكتاب، وتحقيق أهداف الدين، ودرء التحريف عنه وإبطال الريب، وأداء لوظيفة الرسالة اتجاه الأمة وعلى الصعيد الأممي، بالأسلوب الذي ينسجم مع رؤية صاحب الرسالة ومع الأهداف الربانية.
إنا نفهم أن ولاية بهذا الحجم تكون شأنا إلهيا، وبوزن الدين كله، لما يتوقف عليها من سلامة الرسالة واستمرار فاعلية دورها في الاهتداء والهداية بها واستمراريته، فمن مات ولم يلتحق بها مات جاهليا، ولا تكون كذلك ولاية متوقفة على مشيئة الناس، تتيح أن تنتج عن اختيار منهم أو عن غلبة عليهم، ولاية فاسق يئن الدين من موبقاته أو ولاية منافق يكيد للدين وأهله، أو ولاية مقصر في العلم يخبط فيها على غير هدى، أو ولاية طامع لا يهمه من شأن الدين والرسالة من شئ، بل همه الملك والسلطان.