الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٦٢
بعد، إذا بهم يقعون ثانية في واحدة من أخطر أخطائهم على مستوى الجماعة، ترجمة للمنطق ذاته المذكور أعلاه حين طلب إليهم النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يحتضر أن يحضروا له كتفا وقلما ليكتب لهم عهدا لن يضلوا بعده أبدا، فانقسموا على أنفسهم بعد أن تصدى له عمر بتلك المقولة المحزنة عندنا كتاب الله حسبنا كتاب الله، فوجد من يؤيده ويقول مقولته، فكانت تلك الجرأة امتدادا لمقالة قريش، وكان هذا التأييد الذي لقيته، تعبيرا عن قوة الجماعة بين صفوف الصحابة، مما دفع بالنبي (صلى الله عليه وآله) أن يقول لهم قوموا عني غضبا منهم، لعلمه بمدى التصميم لدى القوم على فعل أي شئ حتى اتهامه بالهجر، فلو كتب العهد اتخذوه دليلا على دعواهم، فمنعوا بذلك النبي (صلى الله عليه وآله) من الكتابة، رغم أن العهد كان قائما قبل ذلك وساريا ومؤكدا بالبيعة لعلي في غدير خم، وبالتأكيد المستمر على مرجعية آل محمد (صلى الله عليه وآله)، لكن هذا يظهر مدى التصميم على رفضهم لذلك، فهل إن حظ النصوص القرآنية سيكون أقل تعديا في حال ذكرت أسماء الأئمة مباشرة؟ وهل النبي (صلى الله عليه وآله) في ذاته وفي الانصياع لأوامره أقل قدسية من نصوص الكتاب؟ وهل أن معصية النبي (صلى الله عليه وآله) المتكررة، واتهامه بالحيف، والتمرد على أوامره في بعث أسامة، وعلى أوامره لمنعه من كتابة الكتاب، بل واتهامه بالهجر، هل كل هذا أو بعضه أقل خطرا وأهون عند الله من معصيتهم لوصيه وتمردهم على ولايته؟ بل لعل الله تعالى لعلمه بحال الناس، لم يذكر الأسماء مباشرة بعد أن ذكر عنهم ما فيه الكفاية، وعرف عنهم بما يغني
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»