الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٦١
ويصيب، وأن القرآن يغني عن ذلك، نجده يقسم بالله في إشارة إلى لسانه * (.. والله ما ينطق إلا بالحق..) * ويحثه على الكتابة عنه خلافا لما أمروه به (1). وهنا تجدر ملاحظة أن الذين كنى عنهم ناقل الرواية بقريش لا شك أنهم ممن كان يحسب لهم الحساب في زمن نقل الرواية، أو لا يروق لأهل السلطة في حينه بالتحديث بما قد يسئ إلى صورتهم وأنهم جماعة وليسوا واحدا، قد كانوا على مثل هذه العقيدة بالنبي (صلى الله عليه وآله)، ومثل هذا الموقف من كل ما يصدر عنه من غير القرآن الكريم، وأنهم كانوا وفي حياة النبي (صلى الله عليه وآله) يروجون لدعواهم ويؤسسون لها، رغم كل ما بدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) من توضيح للحقيقة الناصعة، ورغم النصوص القرآنية الكثيرة التي تثبت عكس ما يقولون، كما أسلفنا قبل حين.
ومما له مغزى في فهم سير الأحداث، أن نجد أن هذا الكلام من قريش هو أساس ومنشأ مخالفة الصحابة لأوامر النبي (صلى الله عليه وآله) في الموارد التي ذكرنا نماذج عنها في مبحث مجتمع الصحابة، والأساس لمثل هذا النمط من السلوك في ذلك المجتمع، وأنه الأساس في وقوع جماعتهم في تلك المعصية الكبرى والتمرد الجماعي على أوامر الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) حين طعنوا بتأميره أسامة عليهم، وتخلفوا عن البعث رغم إصرار النبي (صلى الله عليه وآله) والإلحاح في ذلك، وبينما كانوا متلبسين بهذه المعصية التي لم تنته فصولها

(1) ذكرناه مع مصدره في حاشية الفصل الأول.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»